26 - 06 - 2024

تباريح | صناع الاستبداد

تباريح | صناع الاستبداد

(أرشيف المشهد)

  • 16-6-2015 | 19:57

لايتم إدراج المشهد ضمن برامج عرض الصحف في التليفزيون الرسمي ، والذريعة أن رئيس تحريرها ليس من رؤساء التحرير والإعلاميين الذين توجه لهم الدعوات للقاءات دورية بالرئيس أو سفر إلى الخارج بصحبته ، ولا يتم إدراجها في برامج الفضائيات الخاصة لأنها تنشر تقريرا دوريا لحركة "إعلاميون مراقبون " يفضح تجاوزات هذه الشاشات ، ونزوات ملاكها في التقرب البائس من السلطة .

يتصل أحد رجال الأعمال المشاهير الذين كان تم الاتفاق معهم على نشر إعلان، بعدما رأى عناوين الصفحة الأولى لأحد الأعداد بسبب عبارة "مشاريع عملاقة على الورق وجيوب خاوية " داعيا من تواصل معه من الصحيفة إلى إلغاء الإعلان وعدم التواصل معه مرة أخرى ، لأنه لا يعلن في صحف معارضة !!

تقوم شركة دعاية طبية بإلغاء تعاقد إعلاني مع الصحيفة كان يقضي بتوزيع قرص مدمج كل شهر مقابل صفحة إعلان ، والسبب مقالات الدكتور نادر فرجاني على اعتبار أن كل أصحاب الاستثمارات في المجال الطبي من فلول النظام السابق الذي خلعته ثورة 25 يناير ، ولا يقبلون توجيه أي انتقاد للسلطة الحالية ولا للرئيس السيسي .

وهكذا تضيق الحلقات حول أي صحيفة تنشر آراء أو تغطيات مغايرة للدعاية الفجة التي يتورط فيها "إعلاميو الزفة" والقابلون للعمل مع أي سلطة حتى وإن كانت تمارس تخريبا للدولة والمجتمع.

نقد السلطة ليس بالضرورة عملا عدائيا ، بل ينم عن محبة حقة للوطن ، محبة تتجاوز المصالح الشخصية وتجعل صاحبها مستعدا لتحمل الاقصاء والنفي والحصار وربما السجن أو التهديد بالقتل والتشويه واغتيال السمعة ، وكل مايترتب على ممارسة الحرية في مجتمع مستبد.

ولكن هل الحكومات قادرة على إشاعة مناخ الاستبداد دون مساعدة من الشعب ، هل لو استيقظت الولايات المتحدة مثلا أو بريطانيا أو فرنسا على سلطة فاشية أو نازية ستستسلم لها ، وتترك من يشكلونها مرتاحين على مقاعدهم ؟ أم أن الشعوب العاشقة للاستبداد هي الخطوة الأولى التي تمهد الطريق لأي حاكم يخطر على باله العصف بالحريات وانتهاك القانون وصناعة أعداء وهميين كذريعة لفرض حالة طواريء ليست بالضرورة تتم بقانون وإنما عبر إذكاء حالة من المكارثية في المجتمع.

تجربة العامين الماضيين تؤكد أنه ليس على السلطة سوى إذكاء حالة من الخوف في المجتمع ، وساعتها تخرج من المصريين أسوأ مافيهم .. تزلف ونفاق من النخبة (إعلاميين – سياسيين – رجال أعمال) ، تلذذ بالاستعباد من غالبية الناس مقرون بخوف غائم من المجهول وكذلك بشائعات ومغالطات لاتتورع أجهزة الإعلام عن نشرها ، حالة استقطاب حادة وتخوين للمخالفين والمعارضين ، ميل إلى إدراج الحقوق الأساسية كالحرية والعدالة وتكافؤ الفرص في آخر سلم الاحتياج البشري.

السلطة ليس معادية لتجربة المشهد ، بل تقرؤها بعناية وتحاول الاسترشاد بها لحل الأزمات ، لكن نخبة المال والأعمال الفاسدة في معظمها والملكانية أكثر من الملك تحاول تعويقها والتزيد بمعاداتها ثمنا للرضا والتقرب من البلاط .

متى يدركون أن الصحافة الحرة مصباح يجنب السلطة بمؤسساتها وأجهزتها الدخول بعمى بصر وبصيرة في حقول ألغام.

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!





اعلان